يرفض الحكم عليها قبل اتضاح الصورة وينفي تأثرها بـ (مدن الملح)

ريحانة جديدة تفكر بالفوح عن مشاعرها قريباً، أوربما هي ارتحالات أخرى توشك أن تستقر - ولو مؤقتاً - أمام قراءات الأمكنة، وفي كل الأحوال يبقى التساؤل حقاً مشروعاُ حول رواية محتملة، وتبقى ( مدن الدخان ) مشروعاً قابلاً لمزيد من مداولات الانتظار!!
وبين نهر الرواية الذي يجرف في مساره كل شيء، مستفيداً من كل الأجناس الأدبية بتغيراتها على مستوى الثوابت الشكلية والمعنوية، وبين اتكائها على اليومي والتاريخي والسياسي والثقافي وأصوات الذاكرة والأساطير والأحلام، يمكن تخيل الكائن الروائي الذي سيصدر قريباً عن دار الكنوز !!
كما يبدو فإن أحمد الدويحي قد نجح مجدداً في ترتيب فوضاه الكتابية ليخرج لنا بمساحة من الأدب الذي ينتظر أن يأتي بجديدٍ نوعي من حيث الوعي الجمالي في ظل مشهدٍ روائي أخذ ينحى نحو المراهنة على ما هو اجتماعي ربما لا يتمتع بالضرورة بحس فني ناضج يمكن المراهنة عليه.
لاتبدو الأمور واضحة حتى الآن فيما يتعلق بمدنٍ تكونت على ما يبدو في تجليات ذاكرة قروية حافلة بتفاصيل ومشاهد ليس الدخان من بينها على أية حال، لكن الدلالات تبقى مشرعة أبوابها لكل ساكني المدن الذهنية كلما أرادوا زيارة المكتوب في المرة الأولى ووجدوا أنفسهم أمام المكتوب مرة أخرى . بمعنى آخر يمكن الجزم باستحالة أن ينسخ مشهد إبداعي مشهداً آخر، وهذا الواقع هو ما نحاول دائما أن نتحايل عليه بمصطلحات كالتأثر الأدبي، ويبقى الأمر في النهاية مرتبطاً على نحو حتمي بمسألة نسبية في اللاوعي الإبداعي لا يمكن لأحد توجيهها بما في ذلك المبدع نفسه !!
وعوداً على روائينا أحمد الدويحي فإن مسألة التعالق الاسمي بين رواياته وروايات الأديب الكبير عبد الرحمن منيف تبدو قابلة أكثر من أي حالة أخرى لاستنتاج تعالق أدبي تشي به التوأمات اللفظية التي على نحو (مدن الدخان) و(مدن الملح)!!
بينما لا يرى الدويحي من الحكمة أن نفكر بهذه الطريقة ولاسيما في ظل عدم اكتمال الصورة –حتى الآن- بالنسبة لروايته، هو يؤكد أنه يتشرف كثيراً باقتفاء أثر أديب كبير بحجم عبدالرحمن منيف ربطته به علاقة قوية، ويرى أن من الصعوبة أن يضيف أحد على منجزه شيئاً، كما يؤكد أن منيف نجح من خلال أعماله الرواية في رصد الحياة وأدق التفاصيل الإنسانية ليدخل بها إلى تفاصيل أعمق في ذاكرة المشهد الروائي، غير أن الدويحي لا يرى الربط بين التجربتين فهو كما يقول( يكتب حسب طقوسه وأشيائه وعالمه الخاص كما أنه يعيش واقعاً آخر وفي جيل آخر) ..
يبقى لكل متلقِ حقه فيما بعد أن يرى ما يراه، وربما يستشعر أحدٌ ما ملامح شخصية أدبية قد تتحكم رياحها في توجيه دخان مدن الدويحي، ربما لا تكون بالضرورة .. (عبدالرحمن منيف )!!